في يوم من الأيام، كان رجل تاجر يعمل بجد، يقطع الصحراء، ويُتبعها الغابة، حتى يصل المدينة، ثم يقتني ما يريد، ويعود أدراجه، باتجاه القرى، الموجودة وراء الصحراء، ليبيع فيها السلع التي اشتراها،وحينما تنفذ منه، يعاود نفس العملية، وهكذا يُفِيد ويستفيد، ويربح المال الكثير، وكان له مئة جمل يعتني بها جيدا، فهي معيله ورأس ماله، وكان لهذا التاجر جحش صغير أراد أن يعلمه كيف هي الطريق، وكم هو طول المسير، ولأنه لازال صغيرا، كان يتلقى معاملة خاصة، ذات يوم إمتنع كبير الجمال عن المسير، وأوقف معه القافلة كلها، ثم تفقد صاحبها الأمر، مابكم يا جمالي، هل قصرت معكم في شيء، أو أرهقتكم في العمل، أم أني أطلت بكم الطريق، ثم أجابه كبير الجمال نحن لا نشكو لك جوعا أو عطشا، ولا تهمنا كثرة المسافات التي نقطعها فقد تعودنا عليها، وبها كبرنا ووجدنا عليها أجدادنا، فقال صاحبهم، فلم توقفتم إذا؟؟ مادمتم لا تشكون شيئا مما قلت، فرد كبير الجمال، كما ترى أننا أكثر من مئة جمل، نعمل معك سنين طوال، دون عذر أو شكوى، دون تأخير أو تماطل، وقد وثقتنا الواحد تلوى الآخربحبل، نخطو الخطوة بنفس التوقيت، دون فوضى، وعلى رأس هذا الحبل ربطتنا بذيل حمار صغير تزعم القافلة، ناهيك عن المعاملة المميزة التي يتلقاها،ماذا تسمي هذا؟؟ أليس هذا عبثا بحالنا، ونقصا من قيمتنا، ونحن الأولى بذلك، تعجب التاجر صاحب الجمال مما سمع، وبسرعةفك الحبل عن الجحش الصغير، وربطه في آخر القافلة، ووعد نفسه بأن يعامل الكل بنفس المعاملة، ثم عادت المياه لمجاريها، وأتمت القافلة مسيرها.
إخوتي الصغار، في بعض الأحيان ودون قصد، نجد أنفسنا نعامل البعض معاملة مميزة دون الآخر، لأسباب كثيرة، وهذاأمر قد يترك أثرا سلبيا في نفوس البعض، وخاصة الإخوة فيما بينهم والأصدقاء أيضا، لذا لنحاول أن نعامل الكل بالمثل، لأن الغيرة تتولد في مثل هذه المواقف، وقد ينتج عنها أعراض أخرى كالحسذ والعياذ بالله.