ذات يوم خرج شيخ كهل من منزله، قاصدا أبناءه لزيارتهم، والإطمئنان عليهم، ذهب عند إبنه الأكبر، تظاهر أمامه وزوجته بأنه يعاني من مرض النسيان، الزهايمر وسأل إبنه عمَّن تكون هذه المرأة، فأجابه الإبن ألا تذكر يا أبي هذه زوجتي، ثم قاطعه الشيخ بسؤال ثانٍ، أين هي أمك ألم تأتي بعد، وبنبرة عالية أجابه، مابك يا أبي ألا تذكر أنها ماتت منذ مدة، إعتذر الشيخ العجوز وسكت، وفِي صباح الْيَوْم الموالي،سكب العجوزماءا على فراشه، ونادى زوجة إبنه، وأخبرها أنه قد تبول على الفراشواعتذر لها، بغضب شديد إنهالت عليه الزوجة بسيل من الشتائم،ثم خرج العجوز من المنزل، ليمتحن إبنه،ليرى هل سيبحث عنه أم لا، إنتظر العجوز المسكين لساعات، يراقب فيها المنزل من بعيد، لكن لا أحد يكترث،وفِي المساء ذهب عند إبنه الأوسط، وقام بنفس الأمر، تظاهر بالنسيان وطرح عليه نفس الأسئلة، وبصوت مرتفع أجابه مابك يا أبي هل جننت أم ماذا؟ حزن العجوز وذهب لينام، وفِي صباح الْيَوْم الموالي، أعاد الكرَّةَ، سكب الماء على الفراش، ونادى زوجة إبنه، وأخبرها بأنه تبول على الفراش، فهاجت الزوجة، وبدأت بالصراخ، وأسمعته كل قبيح، ثم ضربت الباب وراءها، في وجهه وغادرت، وفِي غفلة عنهم خرج من المنزل، ليمتحن إبنه الأوسط، ومن بعيد راقب المنزل لساعات طِوال، لكن لا أحد بحث عنه، ثم ذهب ليبيت عند إبنه الأصغر، وكالعادة تظاهر بالنسيان، وسأل إبنه من تكون هذه المرأة، فأجابه إنها زوجتي يا أبي، وقاطعه بسؤال آخر، أين هي أمك؟ثم بابتسامة عريضة أجابه، ماتت يا أبي منذ مدة، وقد إشتقنا لها، ثم ذهب العجوز لينام، وفِي صباح الْيَوْم الموالي، سكب الماء كالعادة، ونادى زوجة إبنه، وأخبرها أنه قد بلل الفراش، ثم قالت له لا عليك يا أبي، هذا حال كبار السن، كم تبولنا على ثيابكم في صغرنا،أخدت الفراش وغسلته وطيبته،ثم خرج ليمتحن ابنه الأصغر، ومن بعيد راقب المنزل، وفجأة خرج الإبن والزوجة معا كل منهما في طريق، ليبحثوا عن العجوز، إلى أن بدأ يناديهم، ثم أعادوه للمنزل، وبعد أسبوع دعى أبناءه وزوجاتهم لمنزله، ثم قَص عليهم ما حدث، وأنه لم يتبول فقد كان مجرد ماء، وأنه لا يعاني من أي مرض، كل هذا امتحان، للأبناء وزوجاتهم، ثم تقدم لابنه الأصغر وأعطى له الكثير من المال، وتقدم نحو زوجته وأثقلها بالكثير من الذهب، وقال لهم هذه ابنتي، التي سوف ألجأ إليه حينما أكبر، وأقضي ما بقي من عمري معها، فصعقت الزوجتان، وتملكهما الندم.
أحبتي الصغار آباؤنا أمانة في رقابنا، فقد سهروا الليالي، وبذلوا الجهد الكبير لتربيتنا، أعطونا كل ما يملكون، وفِي الأخير حينما يكبرون نرميهم بدار العجزة، بحجة أنه ليس لدينا وقت لهم، تذكروا أنه كما تدين تدان، وأن جزاء الإحسان، سوى الإحسان، وبالوالدين إحسانا.