الاب واصدقائه المستهزئين بحلمه
بمخبزة تقليدية بأحد الأزقة، وسط المدينة،كان شاب يعمل هناكبجد،كله تفاؤل،له
أحلام يريد تحقيقها، وعليه آمال معلقة، أب وأم بالبادية، وإخوة يشتهون الخبز
الساخن فهو أحد أمنياتهم،عمل هذا الشاب الطموح كمساعد مع عمال أكبر منه عمرا، وأكثر
منه خبرة في ذاك المجال، يوما بعد يوم، وعاما بعد عام، حتى تعلم وصار خبيرا مثل
سابقيه، بل وأحسن منهم، وكان يقول لزملائه سيأتي يوم وأشتري فيه هذا المحل، وتعملون
عندي، ولن أبخل عليكم بشيء، ثم ينهالون عليه بالضحك، ويقولون له بسخرية، هيا إعمل
بجد واجمع المال، لنعمل عندك فعلا أنت تروح عنا، مرت الأعوام والسنين وافترق
الخبازون، كل واحد منهم يعمل في مكان، أما الشاب الطموح فقد اشترى المخبزة التقليدية،
وصارت ملكا له، عمل فيها مع بعض العمال، وشيئا فشيئا حتى كبرت وذاع صيتها في
المدينة، فإن سألت عن الجودة يقولون فلان، مرت الأيام واجتمع العمال واحدا تلوى
الآخر، استقبلهم الشاب أحسن استقبال وعاملهم أفضل معاملة، وأوفى بوعده الذي قطعه
سنين خلت، بالجد والعمل والصبر والإرادة لاوجود للمستحيل.
هذه القصة أصدقائي هي حقيقية وليست من نسج الخيال، قصها علي أحد
أصدقاء أبي، وقد قصصتها عليكم، فقد يكون هذا الشاب كأحد آبائكم، لتعلموا أحبتي أنه
لا وجود للمستحيل، وأنه كم من أب عانى وبدأ من الصفر، ليوفر لأبنائه كل ما يريدون،
فالأب إن طلبت منه النجوم، أحضر لك السماء فوق ظهره بنجومها، فل نقدر ما يفعله،
وما يعمله، وما يقاصيه في هذا العالم الجميل، وأن لا نغضبه، ففي بعض الأحيان لا
يوفر لنا كل ما نريد لكن على الأقل هو يعطينا كل ما يملك، فالكلمة الطيبة، والسلوك
الحسن، والإصغاء لما يقول، كفيل بأن يعوّضه كل ما يقاصيه، على الأقل يحس أن جهده
وتعبه لا يذهب سدا.